مشاعر خفية

الســـلام عليكم ورحمة الله وبركاته .... لعلنا في هذا العصــر واقعـــون في مشكلة عسيرة الحل ألا وهي : خيبة الأمل وعدم وجــــدان الحبيب الذي نطمئن إليه ونبث إليه أحزاننا وأسرارنا ويشــاركنا أفراحنا وأقــراحنا بسبب سير العــالم المطرد نحو الحداثة وما تجره من فرض واقـــــع سيء يدعى بالمصلحة المتبادلة أي : أنا أصحبك لما يمكن أن تقدمه لي من نفع وأستغل مشاعرك تجــاهي وهو ما يسمى عند الغربيين ب : ( البراغماتية )
وهذا ما يجب علينا تحاشيه في علاقاتنا مع بعضنا البعض حتى تحصل لنا السعادة هذا من جانب ، من جانب آخـــر لابد أن نصاحب إذا أردنا السعادة الأبدية من ينصرنا إذا استنصرناه ومن يغيثنا إذا استغثنــاه ومن يعذرنا إذا أخطأنا معه ومن إذا علم عيبنا ستره _ وأود أن أركــز على هذه النقطة لأن كثيرا من الأصحاب المدعين للصدق في الصحبة والمحبة إذا اطلع على عيب حبيبه وصاحبه تبرأ منه وهجره وتركه وهذا هو المعاش في مجتمعاتنا _ وهذا الصاحب المنشود لو بحثت عنه في كــل مكان لن تجده ولو قرأت كتاب ( كيف تكسب الأصدقاء ) لكارنيجي مرارا فلـــن تعثر عليه ، مع أنه أقرب إليك من نفسك فهو ظاهر باطن ألا وهو : اللــــه .... وكفى به صاحبا ووليا وناصرا وربـــا وشهيــدا وكفيــلا فمن عرف الله ماذا عليه أن يجهــل غيره؟؟؟؟؟ ومن وجد الله مــاذا فقد وما الذي وجد من فقد الله ؟، قال شيخ مشايخنا الإمــام ابن عطــاء الله السكندري في الحكم العطائية : ( ما صحبك إلا من صحبك وهو بعيبك علــيم وليس ذلك إلا مــولاك الكريم ) فانظروا رحمكم الله كيف يصاحبنا الله في كل أوقاتنا ونحن نسيء في حقه وهو مع ذلك يغضي عنا ويدعونا إلى مغفرته ورحمته أليس هو الحب الحقيقي ؟ لذلك جعــــل السادة الصوفية عليهم رضــوان الله أســاس مذهبهم وغاية مطلبهم هو : الله ، روي أن أحد الصوفية مر على امرأة تبكي على قبر فقال لها : ماذا تفعلين ؟ قالت : أبكي على حبيبي وقد مات ، فقال لها : ألا اتخذت حبيبا لا يموت !!!! نعم أفلا يتخذ أحدنا حبيبا لا يفارقه ولا يخذله ولا ينساه ، قال سيدي عبد الغني النابلسي قدس الله سره

كان قلبــي عنه غـــافل وهو لا يغفــل عني
لكن للسير إلى الله قــواعد لا بد من مراعاتها إذا أردنا الفــوز بالوصول إليه ومعرفته ، لعلي أخصص لها موضوعا إن شــاء الله
ويأتي في المرتبة الثانية بعد الله عز وجل : محبة سيدنا رســول الله صلى الله عليه وآله وسلم وذلك بقراءة سيرته والتلذذ بمطالعة شمائله واتباع سنته وكثرة الصــلاة عليه ومحبة آله وصحبه وأخيـــــار أمته لأن في ذلك الخير الكثير والســر الواضــح الشهـــير
أما في المرتبة الثالثة : فهي من نصيب الشيــخ المربي الدال على الله بالله وهو نــادر الوجود في هذا الزمن لانتشـــــارالدعــاوى ، لكنه موجود لمن جد وصدق في طلبه ، فمن لم يجد الشيخ العارف بالله فعليه بالأخ الصادق ومن شروطه أن يعينك على محبة الله وأداء فرائضه ومحبة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ومن إذا رأى منك تقصيرا نبهك إليه وحثك على الرقي دائما بقوله وفعله و همته ، ومن لم تكن هذه أوصافه فلا تضيع وقتك معه قال الإمام ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه ( لا تصحب من لا ينهضك حـاله ولا يــدلك عــلى الله مقــاله ) ، رزقنا الله وإياكم القبول في أقــوالنا وأفعالنا وأحــوالنا إنه ولي ذلك والقادر عليه
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه والتابعين لهم بإحســان إلى يوم الدين