هذا رسول الله :: الزهد المحمدي

من طرف زائر الجمعة أغسطس 07, 2009 3:37 am

بسم الله الرحمن الرحيم

الزهد المحمدي

كان صلى الله عليه وسلم أزهد الناس في الدنيا، وأقلهم رغبة فيها، حتى كان
الزهد خلقاً من أخلاقه الفاضلة وسجية من سجاياه الطيبة الطاهرة، وما يشهد
على ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الصحيح: " لو كان لي مثل أحد
ذهباً لما سرني أن يبيت عندي ثلاثاً إلا قلت فيه هكذا وهكذا إلا شيئاً
أرصده
لدين ". فهذا أكبر مظهر للزهد الصادق الذي كان الحبيب صلى الله عليه وسلم يعيش عليه ويتحلى به.
وقوله صلى الله عليه وسلم لعمر# وقد دخل عليه فوجده على فراش من أدم حشوه
ليف. فقال: إن كسرى وقيصر ينامان على كذا وكذا، وأنت رسول الله تنام على
كذا وكذا، فقال له: صلى الله عليه وسلم " مالي وللدنيا يا عمر، وإنما أنا
فيها كراكب استظل بظل شجرة، ثم راح وتركها "(1).
كما عَرَض عليه ربه أن يحول له الأخشبين ذهباً وفضة، وذلك بعد عودته من
الطائف جريحاً كئيباً حزيناً، فقال: " لا يا رب أشبع يوماً فأحمدك وأثني
عليك، وأجوع آخر فأدعوك وأتضرع إليك".
وأكبرمثال لزهده صلى الله عليه وسلم في الدنيا سؤاله المتكرر: " اللهم اجعل قوت آل محمد كفافاً ". وكان
يقول : " قليل يكفي خير من كثير يلهي، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى أو أطغى".
ويكفي أنه توفي صلى الله عليه وسلم، ودرعه مرهونة عند يهودي في نفقة عليه،
وهو يدعو ويقول: " اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً (2) " وقالت عائشة #رضي
الله عنها: " ما شبع عليه الصلاة والسلام ثلاثة أيام تباعاً من خبز حتى
مضى لسبيه". وقالت: " ما ترك صلى الله عليه وسلم ديناراً، ولا درهماً، ولا
شاةً، ولا بعيراً، ولقد مات وما في بيتي يأكله ذو كبدٍ إلا شطر شعير في رف
لي (3) ". وقال لي: " إني عرض عليَّ أن تجعل لي بطحاء مكة ذهباً فقلت: لا
يا رب أجوع يوماً، وأشبع يوماً فأما اليوم الذي أجوع فيه فأتضرع إليك
أدعوك، وأما اليوم الذي أشبع فيه فأحمدك وأثني عليك ". وقالت عائشة: " إنا
كنا آل محمد لنمكث شهراً ما نستوقد ناراً، إن هو إلا التمر والماء(4) ".
وعن أنس: " ما أكل صلى الله عليه وسلم على خُوَانٍِ* ولا في سُكُرُّجَةٍ**
ولا خبز له مرقق ولا رأى شاة سميطاً *** قط (5)". وفي حديث حفصة: " كان
فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته مسحاً نثنيه اثنتين. فينام
عليه فثنيناه ليلة بأربع، فلما أصبح قال: ما فرشتم لي؟ فذكرنا له ذلك
فقال: ردوه بحاله فإن وطأته منعتني الليلة صلاتي". وقالت عائشة: " لم
يمتلئ جوف النبي صلى الله عليه وسلم شبعاً، ولم يبث شكوى إلى أحد، وكانت
الفاقة أحب إليه من الغنى ". وإن كان ليظل جائعاً يتلوى طول ليلته من
الجوع فلا يمنعه صيام يومه. ولو شاء سأل ربه جميع كنوز الأرض وثمارها ورغد
عيشها. ولقد كنت أبكي رحمه له مما أرى به, وأمسح بيدي على بطنه مما أرى من
الجوع, وأقول: نفسي لك فداء, لو تبلغت من الدنيا ما يقوتك فيقول: " يا
عائشة مالي وللدنيا, إخواني من أولي العزم من الرسل صبروا على ما هو أشد
من هذا, فمضوا على حالهم, فقدموا على ربهم فأكرم مآبهم, وأجزل ثوابهم.
فأجدني أستحي إن ترفهت في معيشتي أن يقصر بي غداً دونهم, وما من شيء أحب
إلي من اللحوق بإخواني وأخلائي " قالت: فما أقام بعد إلا شهراً حتى توفي
صلوات الله عليه وسلامه.
فيا لفرحي أنك رسولي، كنوز الدنيا أمامك وتختار عيش الآخرة، فنعم الرسول أنت، ونعم المعلم أنت.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
# عمر بن الخطاب: هو أبو حفص أول خليفة دعي بإمصحف.مؤمنين.وأول من كتب التاريخ للمسلمين وجمع القران في مصحف.
(1) سنن ابن ماجه. *خُوَان: ما يؤكل عليه من الطعام.
(2) رواه مسلم. ** سُكُرُّجة : قصاع صغار.
# عائشة: هي ابنة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، تزوجها النبي وهي ابنة ست سنين،
*** سميطاً: التي أزيل شعرها بعد الذبح.
توفيت سنة 57 ودفنت بالبقيع. (5) صحيح بخاري.
(3) صحيح البخاري.
(4) رواه مسلم

هذا رسول الله :: الزهد المحمدي 250439264